بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد،

إن للزكاة العديد من المعاني في اللغة، ومنها التطهير، فإذا قيل فلانٌ زَكَّى ماله: أي طهره.

والزكاة في الاصطلاح الشرعي: هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي حصة مقدرة في المال لها شروط معينة.

والزكاة هي فرضٌ عينٍ على كل مسلمٍ، حيث قال الله تعالى: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } [البقرة: 43].

وللزكاة العديد من الأحكام والشروط التي يجب أن تتوفر في المال حتى يَتَوَجَّب على المسلم إخراج زكاته، ومنها: الملك التام، والنماء، والنصاب، وحولان الحول. وتجب الزكاة في العديد من الأموال، ومنها: الأوراق النقدية، والذهب والفضة، والثروة الحيوانية والزراعية. ومقدار الزكاة يختلف باختلاف هذه الأموال. وكل هذه الأحكام لها تفاصيل كثيرة لا مجال للخوض فيها هنا، وإنما الذي سنتكلم عنه في هذا المقال هو أوجه صرف هذه الزكاة بعد إخراجها، والتي تسمى بـ (مصارف الزكاة).

إن مصارف الزكاة محددة وثابتة في الإسلام، ولا يجوز الخروج عنها بأي شكلٍ من الأشكال، وقد حددها رب العالمين في محكم تنزيله بثمانية مصارف، حيث قال: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 60].

فالمصرفان الأول والثاني للزكاة هما: مصرف الفقراء والمساكين، وهذا المصرفان هما أهم مصارف الزكاة، فالأولوية دائمًا لهما، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اقتصر عليهما فقط في بعض أحاديثه؛ وذلك لأن الهدف الأساسي من الزكاة هو رعاية الفقراء والمساكين، والقضاء على الفقر والحاجة، فالزكاة هي في الأصل حق للفقراء والمساكين.

والمصرف الثالث للزكاة: هو العاملون عليها، وهم الذين يعملون في الجهاز الإداري الذي يدير شؤون الزكاة، ومنهم: الجباة والموزعون والمحاسبون والحراس وغيرهم.

والمصرف الرابع: هو مصرف المؤلفة قلوبهم، وهم الذين يُراد بإعطائهم لحصة من الزكاة تأليف قلوبهم وترقيقها واستمالتها إلى الإسلام، فمنهم من يُراد إسلامه أو إسلام قومه، فيُعْطى حصةً من الزكاة، ومنهم من يكون حَديثَ عهدٍ بالإسلام، ويُراد تَثْبيتُه على الإسلام، فيُعْطى حصةً من الزكاة حتى لا يَرْتَد.

والمصرف الخامس: هو المصرف الذي سماه الله تعالى: (وفي الرقاب)، وهم العبيد والإماء (الجواري)، فهؤلاء يعطون حصةً من أموال الزكاة تعينهم على التحرر. ونظرًا لأن هذا المصرف غير موجود في زماننا، فإن حصتهم تنتقل إلى بقية المصارف.

والمصرف السادس: هو مصرف الغارمين، وهم المدينون الواقعون في ديون يجب سدادها، فيعطون حصةً من الزكاة تعينهم على هذا الأمر.

والمصرف السابع: هو مصرف (في سبيل الله)، أي مصرف الجهاد، حيث يُنْفَق من أموال الزكاة في هذا المصرف لتمويل أداء هذه الفريضة العظيمة. ومن العلماء من يُدْخل أمورًا أخرى في هذا المصرف بالإضافة للجهاد، ولا يتسع المقام هنا للخوض فيها.

وأما المصرف الثامن والأخير: فهو مصرف (ابن السبيل)، وهو المسافر الذي تَتَقَطَّع به السُّبُل؛ بسبب ضياع ماله أو نفاذه.

وفي الختام نسأل الله أن ينفع القراء بما قدمنا، والحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *