بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الاثنين زيارة دولة للولايات المتحدة تستغرق ثلاثة أيام من المرجح أن تهيمن عليها خلافات مع واشنطن بشأن الاتفاق النووي
مع إيران والتجارة.
وبينما توجه ماكرون إلى الولايات المتحدة، حثت الحكومة الإيرانية الزعماء الأوروبيين على إقناع ترامب ألا ينسحب من الاتفاق المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الست العالمية الكبرى.
وكان الرئيس الفرنسي قال يوم الأحد إنه لا توجد حاليا “خطة بديلة” لكبح طموحات إيران النووية.
ويضطلع ماكرون بما يشبه مهمة إنقاذ للاتفاق، واسمه الرسمي خطة العمل الشاملة المشتركة، والذي تعهد ترامب بالانسحاب منه ما لم يصلح الحلفاء الأوروبيون ما وصفها “بالعيوب المروعة” فيه بحلول منتصف مايو أيار.
وقال ماكرون في تصريحات بالفرنسية لدى وصوله إلى واشنطن “هذه زيارة مهمة للغاية في ظل الوضع الراهن الذي يكتنفه الكثير من الغموض ويواجه مشكلات وأحيانا تهديدات”.
ودعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الزعماء الأوروبيين إلى دعم هذا الاتفاق.
وكتب ظريف على حسابه على تويتر “إما كل شيء أو لا شيء. على الزعماء الأوروبيين تشجيع ترامب ليس فقط على البقاء في الاتفاق ولكن الأهم تشجيعه على البدء في تنفيذ ما عليه بموجب الاتفاق بنية صادقة”.
ويفرض الاتفاق الذي أبرمته إيران مع القوى الست، وجميعها نووية ما عدا ألمانيا، قيودا على برنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات.
وتصر إيران منذ فترة طويلة على أن برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط.
وبعد دقائق من هبوط طائرة ماكرون قال البيت الأبيض إنه لا توجد لديه أي إعلانات بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وأضافت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز قائلة “الرئيس كان واضحا للغاية في إنه يعتقد أنه اتفاق سيء. هذا قطعا لم يتغير”.
وقال ماكرون لبرنامج (فوكس نيوز صنداي) الذي تبثه شبكة فوكس نيوز يوم الأحد ” سيكون من الأفضل حماية الاتفاق بدلا من التخلص منه… هل هذا الاتفاق مثالي وأفضل شيء لعلاقتنا مع إيران؟ لا. لكن بالنسبة للبرنامج النووي ماذا لدينا؟ كخيار أفضل. لا أري شيئا”.
حملة استمالة
وهذه أول زيارة دولة يستضيفها ترامب منذ تولى منصبه في يناير كانون الثاني 2017. وفي حين حاول الرئيس الفرنسي تطوير علاقة وثيقة مع ترامب منذ توليه السلطة في مايو أيار الماضي، فلم يشهد نتائج ملموسة تذكر بشأن قضايا تتراوح من إيران إلى سياسات المناخ.
وبعد قليل من وصولهما إلى مقر إقامتهما في بلير هاوس، سارع ماكرون وزوجته بريجيت إلى الخروج إلى شوارع واشنطن، إذا مرا بمجمع البيت الأبيض وصولا إلى النصب التذكاري للرئيس الأمريكي الأسبق أبراهام لنكولن وقاما بتوجيه التحية للسياح.
وجلب ماكرون معه شجرة بلوط لزراعتها في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض. وأتى ماكرون بالشجرة من بيلو وود، مسرح معركة في الحرب العالمية الأولى دارت رحاها عام 1918 وقتل فيها تسعة آلاف جندي أمريكي. وقام ترامب وماكرون بإهالة التراب على موضع غرس الشجرة وسط تصوير الكاميرات للحدث.
ثم استقل ترامب وزوجته ميلانيا وماكرون وزوجته طائرة ترامب الهيلكوبتر (مارين وان) لتناول العشاء في ماونت فيرنون بولاية فرجينيا التي ينحدر منها جورج واشنطن أول رئيس أمريكي وقائد الحرب الثورية الذي كان تحالفه مع فرنسا حاسما في النصر على بريطانيا.
وقضى رباعتهم نحو ساعتين في ماونت فيرنون. وقال ترامب للصحفيين لدى استقلالهم الهليكوبتر في رحلة العودة إلى البيت الأبيض “لقد تناولنا عشاء عظيما”.
وستبدأ اجتماعات العمل في البيت الأبيض في وقت لاحق يوم الثلاثاء قبل أن يلقي ماكرون يوم الأربعاء كلمة أمام جلسة مشتركة لمجلس الكونجرس في ذكرى خطاب ألقاه الجنرال الفرنسي شارل ديجول أمام الكونجرس في 25 أبريل نيسان عام 1960.
وبدأ ترامب وماكرون صداقتهما غير المتوقعة قبل عام في بلجيكا. وبينما نأى زعماء أوروبيون آخرون بأنفسهم عن ترامب عمل ماكرون جاهدا على البقاء قريبا من الرئيس الأمريكي وكثيرا ما يتحدث الزعيمان معا عبر الهاتف.

محادثات تجارية
كما يريد ماكرون إقناع ترامب باستثناء الدول الأوروبية من رسوم جمركية على واردات الصلب تأتي ضمن خطة الرئيس الأمريكي لتقليص العجز التجاري المزمن مع دول عديدة وخاصة الصين.
وتأتي زيارته في وقت يشهد قلقا متزايدا في أوروبا بشأن التأثيرات السلبية التي قد يواجهها قطاع التصنيع فيها جراء العقوبات الأمريكية على روسيا.
وذكر مسؤولون فرنسيون أن باريس وحكومات أوروبية أخرى تنسق الجهود لإقناع ترامب بتخفيف العقوبات على روسيا، بما في ذلك الإجراءات التي تستهدف منتجي الألمونيوم الروس.
وقال مصدر بوزارة المالية الفرنسية “هناك مخاوف ناجمة عن الآثار العابرة للحدود للعقوبات الجديدة… الأوروبيون حذروا الإدارة الأمريكية بصوت واحد من التأثيرات والعواقب الاقتصادية ونبهوها للحاجة إلى إيجاد حلول”.
وأضاف المسؤول أن فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأيرلندا تعمل معا بشأن القضية. وستعقد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل محادثات مع ترامب في واشنطن في وقت لاحق هذا الأسبوع.
ومن المقرر أن يبحث ترامب وماكرون أيضا سوريا بعد أقل من أسبوعين من ضربات جوية شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سوريا ردا على ما يشتبه بأنه هجوم كيماوي أودى بحياة العشرات في دوما.
وكان ماكرون عبر الأسبوع الماضي عن اعتقاده بأنه أقنع ترامب بإبقاء القوات الأمريكية في سوريا، بيد أن ترامب يصر على إعادتهم للوطن.
د/امال بوسعادة العلمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *