السؤال: ما حكم انزعاج الشخص عند سماعه آية تتحدث عن الموت؟

فمثلا عندما أقرأ آية: كل نفس ذائقة الموت. من سورة العنكبوت. ينزعج بعض من أفراد عائلتي. ويقول: تركت كل القرآن وقرأت هذه الآية، وأظن أن من الخطأ قول هذا؛ لأن هذا كلام الله.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فانزعاج الشخص من ذكر الموت لا سيما إذا ذُكِّر به من خلال آيات القرآن، ليس من شأن المؤمنين الذين قال الله فيهم: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ {الذاريات: 55}.  

وكان حريا به وقد سمع قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ {العنكبوت: 57}. أن يتعظ ويتذكر الموت والاستعداد له، فذلك يحفزه على البدار بالتوبة والإكثار من الطاعات، والانزعاج من الدنيا الفانية.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا من ذكر هاذم اللذات. رواه النسائي والترمذي وصححه الألباني.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هاذم اللذات -الموت- فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه. رواه البيهقي وحسنه الألباني.

وعَن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشِرَ عَشَرَةٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ؛ مَنْ أَكْيَسُ النَّاسِ وَأَحْزَمُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: أَكْثَرَهُمْ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ، وَأَشَدُّهُمُ اسْتِعْدَادًا لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ، أُولَئِكَ هُمُ الأَكْيَاسُ ذَهَبُوا بِشَرَفِ الدُّنْيَا وَكَرَامَةِ الآخِرَةِ. رواه ابن ماجه، والطبراني في الصغير، وحسنه المنذري
والهيثمي، وقال العراقي: إسناده جيد.

وقال القرطبي -رحمه الله- في كتابه التذكرة: قال العلماء: تذكر الموت يردع عن المعاصي، ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا، ويهون المصائب فيها. انتهى.

وقال القرطبي في التذكرة أيضا: قال الدقاق: من أكثر من ذلك الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة. انتهى.

والله أعلم.