سؤالي عن التوبة: بعد طلاقي بعامين، بدأت أتحدث مع أكثر من شخص، بعد أن يعدني بالزواج، ونتحدث في الهاتف، وتقابلنا في أماكن عامة، وأخذنا صورا لنا سويا.

وبعدها شعرت بكبر هذا الذنب، وتوقفت تماما، وأصبحت أكره نفسي، فأنا الشخص الذي فعل هذا، لم أعهده من قبل، لم أتخيل للحظة واحدة أن أكون أنا تلك الشخصية التي لا أتشرف بمعرفتها.
شاهدت كل حلقاتك عن التوبة، وأنه ينبغي ألا نعطي للشيطان فرصة أن يوهمنا أن الله لن يغفر لنا، وأن الله غير تضاريس الأرض لرجل نوى فقط التوبة. وأنا -والله يعلم ما بداخلي- لا أقدر على عصيانه؛ فانا أحبه وأخجل من حالي أشد الخجل، عندما يطلب مني أحدهم أن أدعو له تحسبا منه أنني أقرب إلى الله.
وأنا أنشر فيديوهات دينية، وفي لحظة قررت أن أتوقف عنها؛ فأنا لست مثالا مشرفا لأي شيء.
هل إذا تقدم أحد لخطبتي، أخبره بما فعلت في الماضي؟
هل لي من توبة؟ وهل سيسترني الله؟ وهناك بعض من عباده لديهم ما يستطيعون به إظهاري بالصورة التي لا أتمنى أن يراني عليها أهلي ومن أحب؟

الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسن أن أدركت خطأ وخطورة ما أقدمت عليه، والرجوع للحق فضيلة، وهو خير من التمادي في الباطل، فينبغي أن تستشعري أنك بذلك في نعمة عظيمة حقها أن تشكر، فتشكري ربك بقلبك بالاعتراف له بهذه النعمة، كما في دعاء سيد الاستغفار: أبوء لك بنعمتك علي.

وتشكريه بلسانك: بحمده والثناء عليه سبحانه، وتشكريه بجوارحك بالعمل بالطاعات، والإكثار من عمل الصالحات، قال تعالى: اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {سبأ:13}.

وتذكري هذه المعاني التي أشرت إليها في سؤالك، والمتضمنة لبيان سعة رحمة الله ومغفرته، وأن من تاب؛ تاب عليه مهما عظمت ذنوبه، فهو القائل سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

فإذا تبت توبة نصوحا، مستوفية شروطها؛ قبل الله توبتك بإذنه سبحانه. فأكثري من الدعاء، وسلي الله عز وجل العافية والستر، وأن يقيك شر من بيدهم بعض صورك، وقد ثبت في سنن أبي داود عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.

ولا تتركي مجالا للشيطان ليثبطك عن الدعاء بسبب معصية ارتكبتها، فالمعصية وإن كانت قد تكون سببا في المنع من قبول الدعاء، إلا أن هذا ليس بلازم، بمعنى أن الله تعالى قد يقبل توبة العاصي، فقد استجاب لرأس الكفر إبليس، قال الله تعالى: قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ {الحجر36 :37}. وأخبر أنه استجاب للمشركين حين دعوه بإخلاص، كما قال عز وجل: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ {العنكبوت:65}.

 ولا تدعي نشر الخير والعلم النافع، فلا يشترط لذلك عدم الوقوع في معصية، بل ينبغي للمرء أن يأمر المعروف وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن لم يتركه .

وإذا تقدم أحد لخطبتك، فلا يجوز لك إخباره بما كان منك في الماضي، فالواجب عليك الستر على نفسك .
ونوصيك بالاستعانة بأخواتك المؤمنات الصالحات، في البحث عن رجل صالح يتزوجك، فهذا مما لا حرج فيه، والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *