فإذا لم يحصل منها قبول للخاطب الأول؛ فلا حرج عليها في قبول الخاطب الآخر، وليس ذلك من الخطبة على الخطبة المنهي عنها، وإنما تحرم الخطبة إذا رضيت المرأة بالخاطب الأول، ففي حديث فاطمة بنت قيس: .. قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي. رواه مسلم.

قال الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: .. قد أَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَطَبَاهَا، وَلَا أَحْسِبُهُمَا يَخْطُبَانِهَا إلَّا وقد تَقَدَّمَتْ خِطْبَةُ أَحَدِهِمَا خِطْبَةَ الاخر؛ لِأَنَّهُ قَلَّ ما يَخْطُبُ اثْنَانِ مَعًا في وَقْتٍ، فلم تَعْلَمْهُ قال لها: ما كان يَنْبَغِي لَك أَنْ يَخْطُبَك وَاحِدٌ حتى يَدَعَ الْآخَرُ خِطْبَتَك، وَلَا قال ذلك لها وَخَطَبَهَا هو صلى اللَّهُ عليه وسلم على غَيْرِهِمَا، ولم يَكُنْ في حَدِيثِهَا أنها رَضِيَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَا سَخِطَتْهُ، وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ على أنها مُرْتَادَةٌ، وَلَا رَاضِيَةٌ بِهِمَا، وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَمُنْتَظِرَةٌ غَيْرَهُمَا، أو مُمِيلَةٌ بَيْنَهُمَا، فلما خَطَبَهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أُسَامَةَ، وَنَكَحَتْهُ؛ دَلَّ على ما وَصَفْت من أَنَّ الْخِطْبَةَ وَاسِعَةٌ لِلْخَاطِبَيْنِ، ما لم تَرْضَ الْمَرْأَةُ. اهـ.

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *