الحرية .. العدالة إجتماعية .. والقضية الفلسطينية
تحرير القدس يتصدر معايير إختيار الشعب المصرى لأول حاكم بعد الثورة
الرئيس المختار يدعم تغيير فكر النظام فى الموائمة بين رفض الحصار والإستيطان الإسرائيلى والمصالح مع الغرب

القاهرة / عبدالقادر إسماعيل :

دائماً وأبداً تبقى القضية الفلسطينية، وهموم الشعب المُحاصر من الكيان الصهيونى، فى مُقدمة اهتمامات المصريين شعباً وقيادة قطعت على نفسها عهداً بمساندة القضية والسعى نحو إعلان الدولة الفلسطينية وإنهاء الإحتلال.
بدت تلك النظرة واضحة تماماً مع متابعة برامج المرشحون لرئاسة مصر فى أول تجربة ديمقراطية يعيشها الشعب المصرى بعد ثورة 25 يناير التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك ، حيث أظهر المرشحون الـ 13 اهتماماً كبيرة بالقضية الفلسطينية وسُبل انهاء الصراع العربى الإسرائيلى، والوقف الفورى لكافة أعمال الإستيطان.
هذا الإهتمام، لم يختلف كثيراً من جانب المرشحين المنتمين للتيار الإسلامى، عن نظرائهم القوميين أو اليساريين أو الليبراليين، بل جاء متسقاً مع كون القضية تمثل محوراً للأمن القومى المصرى، وأحد خطوط النار مع الجانب الإسرائيلى.
وفى نظرة شاملة لبرامج أبرز المتنافسين فى الإنتخابات الرئاسية ، نتناول أولاً برنامج جماعة الإخوان المسلمين التى يمثلها الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة ، وذلك بإعتباره يمثل تيار الأغلبية البرلمانية فى مصر ، خاصة وان تلك الجماعة كانت تُبدى اهتماماً خاصاً بالقضية الفلسطينية طوال السنوات الماضية، وتحرص على جمع التبرُعات للمحاصرين فى قطاع غزة، عبر لجان الاستغاثة باتحاد الأطباء العرب.
“مرسى” أعلن أنه حال فوزه بالرئاسة، سيقوم بفتح معبر رفح الحدودى طوال الـ 24 ساعة، وأعتبر ذلك بأنه أقل ما يُقدمه للشعب الفلسطينى، إلى جانب تأييد نضاله المشروع لنيل حقوقه و بناء دولته و تحرير أراضيه و دعم مواقفه على الساحة الدولية و التنسيق مع الدول ذات السياسات المؤيدة للحقوق الفلسطينية بمختلف انتماءاتها الجغرافية و توجهاتها السياسية.
فى حين أكد أمين جامعة الدول العربية الأسبق عمرو موسى على العودة إلى الثوابت المصرية التاريخية والمشرفة في التعامل مع القضية الفلسطينية كأحد أولويات أمن مصر القومى، بعد سنوات من التراخى، وكذلك من منطلق أخلاقى. أيضاً أعلن ” موسى ” عن تقديم كافة أنواع الدعم السياسى والاقتصادى والقانونى للشعب الفلسطينى في كفاحه المشروع للحصول على حقوقه وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أساس حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، بما في ذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والمساندة للجهود الفلسطينية في المحافل الدولية، فضلاً عن الإلتزام بالمبادرة العربية المحددة للموقف العربى الجماعى من النزاع العربى الإسرائيلى، وصولاً إلى حل الصراع وليس إدارته، فضلاً عن التخفيف من معاناة الأشقاء الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال، وربط تطوير العلاقات المصرية الإسرائيلية بمدى تجاوب الطرف الإسرائيلي في إنهاء الصراع، تقدماً بتقدم والتزاماً بالتزام.
أما الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، أمين عام اتحاد الأطباء العرب ( سابقاً )، وأحد أهم الداعمين للقضية قبل انفصاله عن جماعة الإخوان المسلمين، فقد شدد على الدعم الكلى والاستراتيجى للقضية الفلسطينية. واكد أنه ضد اتفاقية كامب ديفيد وبرنامجه الانتخابي يتضمن أن تعرض الاتفاقية على الشعب والبرلمان لتطويرها وإعادة النظر في بنودها أو إلغائها وسيكون الحكم في ذلك لمصلحة مصر وطبقا للقانون الدولي.
وأكد المرشح الثورى القومى حمدين صباحى على دعمه للمقاومة الفلسطينية بالسلاح والوقود والغذاء، وفتح المعابر أمام الفلسطينيين حيث يردد دائما انه من الجيل الذي عاش حلم تحرير فلسطين كاملة ولم يكن يوافق على اتفاقية كامب ديفيد وفى برنامجه الانتخابي يوضح أنه سيتم عرض معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل على الشعب المصري في استفتاء عام وإذا رفضها الشعب المصري سيلغيها وإذا طالب الشعب تعديلها سيعدلها وأيضا سيعرضها على البرلمان المصرى لكي يقول رأيه فيها.
فى المقابل تضمن برنامج الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق والمحسوب على نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك التركيز على احترام الاتفاقيات التي وقعتها مصر ، بما فيها اتفاقية كامب ديفيد كون العالم كله قد شهد على توقيع هذه الاتفاقية.
وأعتبر الدكتور محمد سليم العوا القضية الفلسطينية قضية أمن قومى، ولا يجب التعامل معها بشكل منفصل ، لأنها تمس العرب أجمع وليس الفلسطينيين وحدهم موضحا أنه يدعم الجهود الجارية لإعلان الدولة الفلسطينية. كما شدد على أن القضية الفلسطينية تعد إحدى ركائز السياسة الخارجية المصرية ، ويجب على الفلسطينيين والعرب رفع شعار ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة حتى تستعيد فلسطين حريتها المسلوبة موجها انتقادات حادة للقوى الغربية التي تهدف دون الحيلولة في عدم الاعتراف بفلسطين.
الخبير الإستراتيجى اللواء سامح سيف اليزل، أكد من القاهرة، على أن اهتمام المرشحون لرئاسة مصر، بالقضية الفلسطينية يعد أمراً طبيعياً نظراً لأمرين غاية فى الأهمية، فى مقدمتهما البعد الأمنى والاستراتيجى وحالة الفزع المستمرة من التوتر على الحدود المصرية، وعُمق سيناء، ثم النظرة الشعبية وحالة الاهتمام البالغة بالشأن الفلسطينى، واعتبارها قضية مصرية خالصة.
وشدد “سيف اليزل” على أن الاهتمام لم يختلف كثيراً بين كافة المرشحين، لكنه بقى فى اطار شخصية كل فرد منهم، فمثلاُ قومية المُرشح الناصرى حمدين صباحى أثرت على نظرته للقضية الفلسطينية فى برنامجه الرئاسى، لذا وضع مساندة المقاومة الفلسطينية بالسلاح والوقود فى مقدمة حديثه، حيث يستشعر “صباحى” مدى مسئوليته الوطنية وضرورة انهاء الصراع المُزمن.
وأضاف الخبير الاستراتيجى، أن إهتمام عمرو موسى يتفق مع وظيفته السابقة كأمين عام لجامعة الدول العربية، وكوزيراً لخارجية مصر، لذا أعلن ” موسى ” عن تحرك دبلوماسى عربى ودولى لمساندة الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة على أساس حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
فى حين شدد محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين على مسألة فتح معبر رفح، وهو المطلب الذى نادت به الجماعة كثيراً وحاربت من أجله خلال العصر السابق، وإن كنت أرى أن تحقيقه سيكون أمراً صعباً بالصورة التى يراها الإخوان، وذلك من منطلق الحفاظ على أمن مصر القومى.
أما اللواء فؤاد علام وكيل جهاز مباحث أمن الدولة السابق، فيرى أن القضية الفلسطينية ستشهد تطوراً كبيراً خلال فترة ما بعد انتخابات الرئاسة المصرية، حيث من المتوقع أن يسعى رئيس مصر القادم إلى بث مجموعة من الرسائل السياسية التى من شأنها اكسابه شعبية داخل أو خارج مصر، وبالتالى سيكون هناك موقفاً من الاستيطان وتهويد القُدس، والتهديد المستمر بتدمير قطاع غزة واعلان الحرب على المقاومة.
وأوضح علام أن الصراع العربى الاسرائيلى يمر بفترة غاية فى الصعوبة بعد ثورة 25 يناير 2011، وهى فترة استكشاف كل الأطراف المعنية، خاصةً فى ظل ثورات الربيع العربى هى الأخرى، والتى أكدت للجانب الاسرائيلى أن الحُكم على مستقبل العلاقات معه بات بأيدى الشعوب المُتحررة وليس الحُكام الذين ارتبطوا بمصالح سياسية معه.
” دفعنا الثمن غالياً فى مساندتها وسنستمر حتى التحرير “، هكذا علق مهدى عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى سعى الجماعة المتواصل نحو دعم نضال الشعب الفلسطينى الشقيق، وأن الإخوان قد وقفوا ضد نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، من أجل مواجهة الأطماع الإسرائيلية وانهاء حصار الشعب الفلسطينى، وتحديداً فى قطاع غزة الذى يُعانى منذ عام 2006، حينما أفرزت الإنتخابات عن فوز حركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” بأغلبية المقاعد البرلمانية.
وشدد ” عاكف ” على أن مشروع النهضة الذى يخوض به مرشح الجماعة سباق الإنتخابات الرئاسية، أظهر اهتماماً بالقضية الفلسطينية، والتى تأتى دائماً فى قلب الجماعة – على حد تعبيره – ومن خلفها الشعب المصرىن الذى تبرع كثيراً سواء بالمال أو الدعاء لإخوانه المُحاصرين.
واقترب الُكتور أحمد عبدالله أستاذ الطِب النفسى بكلية الأداب جامعة الزقازيق، من تحليل خطاب مرشحو الرئاسة فى مصر، وتحديداً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مؤكداً أنها قد اتفقت تماماً مع المتغيرات الفسيولوجية لمصر بعد الثورة التى أطاحت بنظام كان يتخذ من حصار الشعب الفلسطينى منهجاً واضحاً للحفاظ على مصالحه مع الغرب، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف عبدالله أنه بالنظر لمختلف البرامج الإنتخابية للمرشحون، يتضح مدى مخاطبتها للشعب المصرى الذى يتعاطف كثيراً مع قضية تحرير الأقصى، إلى جانب كراهيته الشديدة لإسرائيل، ومن ثم كان لزاماً على المرشحين مراعاة تلك النُقطة والتعامل معها بذكاء شديد لمحاولة كسب الود والتأييد.
وضرب أستاذ الطب النفسى، مثلاُ بموقف عمرو موسى حينما كان يتولى منصب وزارة الخارجية المصرية، وعداءه حينها لإسرائيل وموقفه من المذابح التى تستهدف الشعب الأعزل، حيث تعاطف معه الشعب ورفعه على الأعناق، ورأى فيه الزعيم المُلهم الذى يتصدى لأطماع الكيان الصهيونى.
وأوضح “عبدالله” أن تعبيرات المرشحون تميزت بالقوة والشِدة، مثل الحقوق الشرعية للفلسطينيين، والرفض التام لبناء المستوطنات، ودعم المقاومة بالسلاح، وهى لغة تُعبر عن ذكاء وفطنَة أصحاب تلك البرامج.
الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، ربط حالة التفاؤل بموقف مرشحى الرئاسة من القضية الفلسطينية، باتخاذ قرارات فعلية تُعبر عن مدى التغير الذى طرأ على المواقف المصرية بعد الثورة، مشيراً إلى أهمية التحرك على أرض الواقع، وأن عصر الشعارات التى تُخاطب المشاعر والوجدان قد انتهت تماماً، خاصةً مع زيادة المعاناة اليومية للشعب الفلسطينى.
وتساءل “نافعة” عن امكانية فتح معبر رفح طوال على مدار الساعة، مثلما وعد الدكتور محمد مرسى، المرشح عن جماعة الإخوان المسلمين، مشدداً على أن ذلك القرار سيواجه ضغوطاً كثيرة منها ما يتعلق بأمن مصر القومى، كذلك موقف حمدين صباحى الذى وعد بتقديم كامل الدعم، وخاصةً السلاح، مما يُنذر برد اسرائيلى قوى حال حدوث ذلك.
كما جدد أستاذ العلوم السياسية التأكيد على أن الاهتمام بالقضية الفلسطينية، ينبع من اهتمام شعبى كبير، وحالة رفض للوجود الاسرائيلى على الأراضى العربية، يعززه تحرك اعلامى وتعبئة كبيرة، خاصةً من جانب التيار الاسلامى كان ممثلاً فى الماضى عبر جماعة الاخوان المسلمين.